موشّحاتُ الموت

المقاله تحت باب  نصوص شعرية
في 
25/12/2007 06:00 AM
GMT



قال الأطباءُ : انتبه..
للروحِ في باقي البدنْ
خذ كلّ يومٍ حبّتينِ من الهدوءِ وفكرةً..
ودعِ الشجنْ
خذ بسمةً بعد الفطور من الحبيبةِ ..
عندما يغفو الزمنْ
خذ باقةَ الصلواتِ يومياً ،
وخذ كأساً من الدعواتِ قبل النوم ،
واطبعْ قبلةً نشوى ..

على خدِّ الوطنْ

ما بينَ طاغيةٍ ومحتلٍّ نُـقشّرُ موتَـنا اليوميّ ؛ ينـفتحُ الصباحُ على انفجارٍ ، تهربُ الأسماءُ من أجسادِها ، تتناثرُ الأشلاءُ والأيديْ ، وتنهمرُ الدماءُ من السماء..

فسامحيني إن نسيتُ شروقَ وجهكِ في القصيدةِ ، سامحيني

إن تذكّرت ُالضحيّةَ والكفنْ.




******

لا تهربي

أنا ليس قلبانِ يحتملانِ هذا العنف ..

يا قمري

لا تهربي ..
لا أمَّ لي كي أشتكي في حضنِها

من قلبكِ الحجري:

إن المحبَّ يحبُ بدرا ..
والبدرُ عالِ
إن العروسَ تريدُ مهرا ..
والمهرُ غالِ !

********

الموت يمشي في المدينة ، يقطف الازهار والاطفال باقاتٍ يقدمها هدايا للبكاء ، يهزه فرح غريب حين يعلن عن دموع الانبياء ، يعود في كلتا يديه غنائم الهستيريا وغدُ الثكالى والذين يمارسون الحزن في أقصى الأنين.

 

********

جادك الموت إذا الموت همى

يا عراقاً بين أيدي الحرسِ

ضاقت الارض بأهلي مثلما

يشتكي المخنوق ضيق النفسِ

كلّما مدوا الأيادي للسما

سقطت قنبلةٌ في المجلسِ !

 

********

الموت يمشي في المدينة ، يدخل المقهى ويشرب في هدوء شايه ، يتـنفس الجدران والكلمات ، يطفو فوق افكار الزبائن ، جالسا ساقا على ساق يتابع نشرة الاخبار ، يضحك من ضحاياه ، يراقب غمغمات الجالسين ..

لا أصدقاء له سوى المتساقطين.

********

هل درى حامي الحمى أنّ الحمى*

لم يـعـد يحميه حـامٍ أو وَلـي ؟!

بلد أغــرقَهُ نـهرُ الـدمـا

وارتـدى حجّاجُهُ وجـهَ عـلي

ولصوصٌ ذبـحـوهُ عندمـا

ذبـحوا بـابلَ باسـم المـوصلِ !

********

الموت يمشي في المدينة ، يكنس الاشجار والتاريخ ، يبتزُّ التحية من صباح الناس ، يسخر من اشارات المرور ، يلاحق الفتيات ، يحترف التخلص من شرود الآس ، يدخل في الدكاكين الصغيرة ، يسرق الاشياء والبسمات ، يعبث بالمتاحف والتراث .. وحين ينغلق المساء ، يلوذ كالخفاش بالليل الحزين ...

********

لم يـكن حُـلْميَ إلاّ : ربّـما ..

ربـما أشدو عــراقَ الحُـلمِ

كان صوتي .. عندما كنتُ فما

أينَ صوتي الآن .. بل أينَ فمي؟

ذلـك المـوتُ الذي مسّـهما

مرَّ قربي ، مسَّ جلدي .. ودمي!

********

الموت يمشي فيّ ، يسرق من يديّ الموصلَ الحدباءَ ، أحلامي ، مصابيحَ الحقيقةِ ، أصدقائي ، أمنياتي ، قبلتي لحبيبتي خلف الشبابيكِ البريئةِ ، غرفتي قرب النجوم ، مكالماتي وهي تلهث .. تطمئن على المدينة ، نكهة الجغرافيا: باشطابيا ، سوقَ النبيْ ، الميدان ، قبر البنت ، باب الطوب*، جامعتي ، غدي ، شِعري على ضوء الشموع مع انطفاء الكهرباء ، الموتُ يسرق كل شيء من يديّ ، الموت يسرقني .. ويترك لي الجنون ... !

********

كلٌّ يحنُّ لأهلهِ ..
أما أنا فأحنُّ لكْ
يا منهلا للروح ..
روحي أصبحتْ

هيَ منهلكْ
أهلكتني بالحب أنت ..

وأنت حـبُّك ما هلكْ!

أخّرتني شوقاً إليكْ
حرمْتَ قلبي أوَّلكْ

أهديتَ لي صورَ الهموم

وأنت في عينِيْ .. ملَك!
ما أقبح الدنيا إذا أنا لم أقلْ:
ما أجملكْ !

********

أنا لا أسمّي كحلَ عينيكِ المساءْ
فالطائرات تمزق الأفق الجميلْ
أنا لا أسمي لونَ خديكِ الزهور
إنّ الشظايا مزّقتْ أفقي ..
وأوراق التأمل والذهولْ

*****

سأقول : أنت جميلة كالأمنيات
شهيةٌ كالخبز ِوالأملِ
وعجيبة كالذكريات ..
لذيذةٌ كالحلم أو كبراءة القبلِ

********

********

نصوصكم غبيةٌ ..

زرع بلا حراثةْ

تباً لكم

يا شعراء الحرب والحداثة!

******
عَ البوري البوري .. هيه!*
أنشرُ منشوري .. هيه!
ما أغبى اللعبة .. هيه!
مانشيتٌ سُبة .. هيه!
بشرٌ كالنملة .. هيه!
يُقتل بالجملة .. هيه!
عـ … شرة
عـ … شرون
ثـ…لاثون …!

ألمع اسمي ،

أكنس قلقي ،

أرتدي براءتي البيضاء ،

أتلفع بالصلاة والحب ،

سأستقبلك بكامل أناقتي ..

أيها الموت !

********

انتهت المحاضرةْ
هيا معي .. لا وقتَ للشعار
فحبّنا لوحدهِ ..

مظاهرة!


*******

ما بينَ طاغيةٍ ومحتلٍّ نُـقشّرُ موتَـنا اليوميّ ؛ ينْغلقُ المساءُ على انفجارٍ ، تصعدٌ الأسماءُ نحو الله ، ينكسر الوداعُ على الرحيل ، فعانقيني تحت نرجسة التأمل ،
واحضني ذكراي إن غاب الجسدْ.


********

قال الأطباء : انتبه..
خذ كل يوم ساحلينِ من النعاس وبسمةً

ودعِ الكمدْ

خذ ضمّةً ، قبل الجنونِ ، من الحبيبة ..
قبل أن يبكي الأبدْ
خذ كل شيءٍ أبيضٍ إلا ظلالَ الموتِ ،
وامسحْ دمعةً نزلتْ

على خدِّ البلدْ
****

الشعبُ روحٌ ، والبلاد هي الجسدْ
الشعبُ روحٌ ، والبلاد هي الجسدْ
الشعبُ روحٌ ، والبلاد هي الجسدْ...

*موشح "جادك الغيث" للسان الدين الخطيب ، كما هو معروف ، معارضة لموشح ابن سهل الاندلسي:

هل درى ظبيُ الحمى أنْ قد حمى قلبَ صب حله في مكنسِ

فهو في حـرٍّ وخـفق مـثلمـا لعبتْ ريحُ الصبا بالقبـسِ

*باشطابيا ، سوق النبي ، الميدان ، قبر البنت ، باب الطوب مناطق وشواهد تراثية معروفة في مدينة الموصل.

*"البُوري" بالدارجة العراقية تعني (الانبوب) أو (عمود الكهرباء) وهذا المقطع احالة الى أنشودة تراثية في مدينة الموصل حيث يشبك الاطفال الايدي ويشكلون حلقة وينشدون:

ع البوري البوري .. هيه

شدّة قدّوري .. هيه

ما احلى ليلى .. هيه

ع تّلعب جولة .. هيه

عشرة .. عشرون .. ثلاثون ... الخ.